الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: "تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيئ قدير، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور"، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي بعث بالشريعة السمحة رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
قد اختصرت هذا الكتاب "علم أصول الفقه" لكي أفهم علوم التي كتبها المرحوم الأستاذ الجليل الشيخ عبد الوهاب خلاف وقسم ما كان في كتابه إلى مقدمة و أربعة أقسام. فا المقدمة تكلمت عن مقارنة عامة بين علم الفقه و علم أصول الفقه يتبين منها التعريف بها وما يتعلق بهذه الدراسة.
و القسم الأول يبحث فيه عن الأدلة التي تستمد منها الأحكام الشرعية، وفي هذ القسم تتجلى سعة المصادر التشريعية في الشريعة الإسلامية ومرونتها وخصوبتها وصلاحيتها للتقنين في كل عصر ولكل أمة.
والقسم الثاني يبحث فيه عن الأحكام الشرعية الأربعة، وفي هذ القسم تظهر أنواع ما شرع في الإسلام من الأحكام، ويتجلى عدل الله ورحمته في رفع الحرج عن المكلفين وإرادة اليسر بهم.
والقسم الثالث يتكلم في القواعد الأصلية اللغوية التي تطبق في فهم الأحكام من نصوصها، وفي هذا القسم تظهر دقة اللغة العربية في دلالتها على المعاني ومهارة علماء التشريع الإسلامي في استمثارهم الأحكام من النصوص، وسبلهم القويمة في إزالة خفائها وفي تفسيرها وتأويلها.
والقسم الرابع يبعث عن القواعد الأصلية التشريعية التي تطبق في فهم الاحكام من نصوصها، وفي الإستنباط فيما لا نص فيه. وهذا هو لب العلم وروحه. وفيه يتجلى مقصد الشارع العام من تشريع الأحكام، وما أنعم الله به على عباده من رعاية مصالحهم.
علم الفقه في الإصطلاح الشرعي هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية – أو هو مجموعة الأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية.
علم أصول الفقه في اصطلاح الشرعي هو العلم بالقواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية. أو هي مجموعة القواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية.
الدليل الكلي هو النوع العام من الأدلة التي تندرج فيه عدة جزئيات مثل الأمر والنهي والعام والمطلق والإجماع الصريح والإجماع السكوني. والقياس النصوص على علته والقياس المستنبطة علته. فالأمر كلي يندرج كله تحته جميع الصيغ التي وردت بصيغة الأمر، والنهي كله يندرج تحته جميع الصيغ التي وردت بصيغة النهي وهكذا. وأما الحكم الكلي فهو النوع العام من الأحكام الذي تندرج فيه عدة جزئيات مثل الإيجاب والتحريم والصحة والبطلان.
القسم الأول في الأدلة الشرعية
الدليل الشرعي هو ما يستفاد منه حكم شرعي مطلقاً، سواء أكان على سبيل القطع أم على سبيل الظنى. الأدلة الشرعية التي تستفاد منها الأحكام العملية ترجع إلى أربعة على سبيل الترتيب: القرآن والسنة والإجماع والقياس. وتوجد أدلة أخرى عدا هذه الأدلة الأربعة لم يتفق جمهور المسلمين على الإستدلال بها، بل منهم من استدل بها على الحكم الشرعي، ومنهم من أنكر الأستدلال بها. وأشهر هذه الأدلة المختلف في الإستدلال بها ستة : الإستحسان، والمصلحة المرسلة، والإستصحاب، والعرف، ومذهب الصحابي، وشرع من قبلنا. فجملة الأدلة الشرعية عشرة.
القسم الثاني في الأحكام الشرعية
هذا القسم يبجث عن الأحكام التي كانت في علم أصول الفقه، وجملته أربعة هي:
1- الحاكم : هو من صدر عنه الحكم.
2- الحكم : هو ما صدر من الحاكم دالاً على إرادته في فعل المكلف.
3- المحكوم فيه : هو فعل المكلف الذي تعلق الحكم به.
4- المحكوم عليه : هو المكلف الذي تعلق الحكم بفعله.
الحاكم
لا خلاف بين علماء المسلمين في أن مصدر الأحكام الشرعية لجميع أفعال المكلفين هو الله سبحانه، وإنما الخلاف فيما يعرف به حكم الله. ولعلماء المسلمين في هذا الخلاف مذاهب ثلاثة: مذهب الأشاعرة أتباع أبي الحسن الأشعري، مذهب المعتزلة أتباع واصل ابن عطاء، ومذهب الماتريدي. وهذا المذهب الثالث وسط معتدل وهو الراجح في رأيي وخلاصته أن أفعال المكلفين فيها خواص ولها آثار تقتضي حسنها او قبحها.
الحكم
الحكم الشرعي في اصطلاح الأصوليين هو خطاب الشرعي المتعلق بأفعال المكلفين طلباً أو تخييراً او وضعاً. ومن هذا التعريف ينقسم الحكم الشرعي إلى قسمين، هما:
1- الحكم التكليفي هو ما اقتضى طلب فعل من المكلف أو كفّه عن فعل أو تخييره بين فعل والكف عنه. وأقسامه هي الإيجاب والندب والتحريم والكراهة والإباحة.
2- الحكم الوضعي هو ما اقتضى وضع شيئ سبباً لشيئ او شرطاً له او مانعاً منه. وإنما سمي الحكم الوضعي لأن مقتضاه وضع أسباب لمسببات، أو شروط لمشروطات، أو مانع من أحكام. لأنه ثبت بالإستقراء أنه إما أن يقتضي جعل شيئ، أو شرطاً، أو مانعاً، أو مسوغاً الرخصة بدل العزيمة، أو صحيحاً غير صحيح.
المحكوم فيه
كانت جميع الأوامر والنواهي متعلقة بأفعال المكلفين. ففي الأوامر: المكلف به: فعل المأمور به، وفي النواهي هو الكف عن المنهي عنه.
شرط صحة التكليف بالفعل:
1- أن يكون معلوماً للمتكلف علماً تاماً حيى يستطيع المكلف القيام به كما طلب منه.
2- أن يكون معلوماً أن التكليف به صادر ممن له سلطان التكليف.
3- أن يكون الفعل المكلف به ممكناً، أو أن يكون في قدرة المكلف أن يفعله او أن يكف عنه.
المحكوم عليه
هو المكلف الذي تعلق الحكم بفعله. ويشترط في المكلف لصحة تكليفه شرعاً سرطان. أحدها أن يكون قادراً على فهم دليل التكليف بأن يكون في استطاعته أن يفهم النصوص القانونية التي يكلف بها من القرآن و السنة بنفسه أو بالواسطة. وأما من لا يعرفون اللغة العربية ولا يستطيعون فهم أدلة الشرعية من القرآن و السنة كالجاويين و أمريكيين وغيرهم، فهؤلاء لا يصح تكليفهم صرعاً إلا إذا تعلموا اللغة العربية واستطاعوا أن يفهموا نصوصها، او بواسطة ترجيم اللغة إلى لغتهم أو من شتى الوسائل التي تطورت في ذلك الزمان. وثانيها أن يكون أهلاً لما كلف به أي الصلاحية.
القسم الثالث في القواعد الأصولية اللغوية
كانت نصوص القرآن والسنّة باللغة العربية. وفهم الأحكام منها إنما يكون صحيحاً إذا روعي فيه مقتضى الأساليب في اللغة العربية وطرق الدلالة فيها وما تدل عليه ألفاظها مفردة ومركبة. القواعد والضوابط التي قررها علماء أصول الفقه الإسلامي في دلالة الألفاظ على المعاني وفيما يدل عليه العام والمطلق والمشترك، وفيما يحتمل التأويل وما لا يحتمل التأويل، وفي أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وفي أن العطف يقتضى المغايرة وأن الأمر المطلق يقتضى الإيجاب وغير ذلك من ضوابط فهم النصوص واستمثار الأحكام منها. وقرر العلماء أن الألفاظ التي استعملت في معان عرفية شرعية كالصلاة والزكاة والطلاق تفهم في النصوص بمعانيها العرفية لا بمعاني اللغوية لأن المقنّن يراعي في تعبيره عرفه الخاص، فإذا لم يكن له عرف خاص يراعي العرف اللغوي العام.
ولهذا القسم سبع قواعد : في طريق دلالة النص، في مفهوم المخالفة، في الواضح الدلالة ومراتبه، في غير الواضح الدلالة ومراتبه، في المشترك ودلالته، في العام ودلالته، والخاص ودلالته.
القسم الرابع في القواعد الأصولية التشريعية
هذه القواعد التشريعية استمدها علماء أصول الفقه الإسلامي من استقراء الأحكام الشرعية، ومن استقراء عللها وحكمها التشريعية. ومن النصوص التي قررت مبادئ تشريعية عامة وأصولاً تشريعية كلية، وكما تجب مزاعاتها في استنباط الأحكام من النصوص تجب مراعتها في استنباط الأحكام فيما لا نص فيه، ليكون التشريع محققاً ما قصد به موصلاً إلى تحقيق مصالح الناس والعدل بينهم:
القاعدة الأولى- في المقصود العام من التشريع، هو تحقيق مصالح الناس بكفالة ضروريتهم وتوفير حاجيتهم وتحسينياتهم.
القاعدة الثانية- فيما هو حق الله وما هو حق المكلف، المراد بما هو حق الله ما هوحق للمجتمع وشرع حكمه للمصلحة العامة لا لمصلحة فرد خاص. والمراد بما هو حق المكلف م هو حق للفرد وشرع حكمه لمصلحته خاصة، وقد ثبت بالإستقراء أن أفعال المكلفين التي تعلقت بها الأحكام الشرعية.
القاعدة الثالثة- فيما يسوغ الإجتهاد فيه، فالإجتهاد على الأيات التي تدل على ظني الدلالة وكذلك إذا كانت الواقعة لا نص على حكمها أصلاً ففيها مجال متسع للإجتهاد. فإن كانت الواقعة التي يراد معرفة حكمها قد دلّ على الحكم الشرعيفيها دليل صريح قطعي الورود والدلالة فلا مجال للإجتهاد فيها والواجب أن ينفذ فيها ما دلّ عليه النص.
القاعدة الرابعة- في نسخ الحكم، هو إبطال العمل بالحكم الشرعي بدليل متراخ عنه، يدل على إبطاله صراحة أو ضمناً، إبطالاً كلياً أو جزئياً لمصلحة اقتضته، او هو إظهار دليل لاحق نسخ ضمناً العمل بدليل سابق. ولانسخ لحكم شرعي في القرآن او السنة بعد وفاة الرسول. ومن هذا نستفيد أن النسخ إما صريحاً وإما ضمنياً.
القاعدة الخامسة- في التعارض والترجيح، إذا تعارض النصان ظاهراً وجب البحث والإجتهاد في الجمع والتوفيق بينهما بطريق صحيح من طرق الجمع والتوفيق، فإن لم يكن فبالترجيح، فإن لم يكن هذا ولا ذاك وعلم تاريخ ورودهما كان اللاحق منها ناسخاً للسابق، وإن لم يعلم فتوقف عن العمل بهما.
التعليق
كان هذا الكتاب يبحث بحثاً عميقاً عن شيئ أساسي في علم أصول الفقه بكلام قصير صريح وواضح. وأيضاً إن هذا الكتاب يشتمل على المواد التي يحتاج بها طالب العلم في فهم ما يسمى بعلم أصول الفقه وما فيها. في الحقيقة لا يليق عليّ أن أقصر ما في الكتاب لأن كل كلام كان من بيان مهمّ غير لائق أن أختصره. فلا نبالغ أن نقول على أن هذا الكتاب للشيخ عبد الوهاب خلاف شيئ عظيم ومشهور عند علماء أصول الفقه.
NAME : YUSWAN ROISKA
NIM : 094211100
CLASS : TAFSIR HADITS
{ 1 komentar... read them below or add one }
هل هذا الكتاب معتمد من الازهر الشريف
Posting Komentar